أغناطيوس الأنطاكي
يُذكر في التقويم الروماني في 17 تشرين الأول
1. لمحة عن حياته
من آباء الكنيسة الشرقية، ثاني أساقفة كرسي أنطاكية وإحدى أهم الشخصيات في تاريخ الكنيسة على الإطلاق. عاش في نهاية القرن الأول وبداية الثاني، وفي حوالي عام 110 م في عهد الامبراطور ترايانوس، حُكِمَ عليه بالموت ملقىً كفريسة للوحوش، فأُسِرَ وقيد من سوريا إلى روما حيث استشهد.
من أقواله: "أفضل ما يمكن أن تقدموه لي، هو أن تتركوني أُقّدَّم ضحية على مذبح الرب [...] لأنه ارتضى أن يجد أسقف سوريا أهلاً، فأتى به من الشرق إلى الغرب. خير لي أن أغيب عن هذه الحياة لأستقبل شروق حياةٍ جديدة مع الله".
2. رسائله
خلال رحلته من أنطاكية السورية إلى روما حرَّرَ سبع رسائل وهي الكتابات الوحيدة التي وصلتنا منه. وهي موجهة إلى كنائس أفسس، ماغنيزيا، ترالّي، فيلادلفيا وإزمير وروما بالإضافة إلى رسالة موجهة إلى بوليكاربوس أسقف إزمير.
في إزمير، المدينة التي أرسلت موفدين ليسلّموا عليه خلال مروره منها، دوّن رسائله لأفسس وماغنيزيا وترالّي. فيها كتب ليشكر الكنائس لأجل مظاهر الود التي أحاطوه بها خلال سفره، و ليحثّهم على الطاعة لرؤسائهم الكنسيين وليحذرهم من التعاليم المضللة. من هناك أيضاً أرسل أهم رسائله أي تلك الموجهة إلى كنيسة روما، المدينة التي كان متجهاً نحوها، حيث كان يرجو المؤمنين ألا يقوموا بأي تدبير يمنع عنه نعمة الشهادة التي كان يصبو إليها بكل رغبته. لأن الموت بالنسبة له لم يكن سوى بداية الحياة الحقيقية: "كم هو مجيد أن يكون المرء شمساً عند الغروب، قرب الله، ليتني اسمو إلى محضره!" (روما 2 / 2).
من طروادة، حيث وصل إليه نبأ انتهاء الإضطهادات في أنطاكية، بعث رسائله لفيلادلفيا وإزمير، كما بعث من هناك أيضاً بالرسالة إلى بوليكاربوس. تشبه هذه الرسائل في مضمونها تلك المُرسلة من إزمير، ففيها يُظهر أغناطيوس دفاعاً قوياً عن وحدة الإيمان ويطلب من المؤمنين أن يشاركوا اخوتهم في أنطاكية فرح السلام الذي كانوا يرجونه وذلك بإرسال وفد إليها. كما كان يحثهم على أن يكونوا في علاقة وثيقة مع أسقفهم. أما الرسالة إلى بوليكاربوس فتتضمن شرحاً عن كيفية ممارسة الخدمة الأسقفية.
3. أهمية الرسائل
تلقي هذه الرسائل ضوءاً على حالة الجماعات المسيحية الأولى. وهي تجعلنا ندخل إلى أعماق الأسقف الشهيد، المملوءة حماساً وحرارة. وعدا ذلك فهي تُعدّ ذات أهمية بالغة في دراسة تاريخ العقيدة.
4. أصالة الرسائل
في القديم شكك البروتستانتيون كثيراً في أصالة هذه الرسائل. فلم يكن معقولاً بالنسبة لهم أن نجد في عهد ترايانوس تنظيماً كنسيّاً تراتبياً دقيقاً كما تصفه رسائل أغناطيوس. لذلك كانوا يعتقدون بأن هذه الرسائل مزيّفة وتهدف للدفاع عن الأسقفية التراتبية. أما اليوم وبعد الأبحاث المعمّقة التي قام بها كل من لايتفوت (Lightfoot)، هارناك (A. v. Harnack)، زاهن (Th. Zahn) و فونك (F. X. Funk)، لم تعد تشكل تلك الإعتراضات أية أهمية، ولذلك فإن أصالة الرسائل مقبولة بشكل عام من الجميع.
كما أننا نملك بشأنها شهادات معاصرة لها. فقد كتب بوليكاربوس، بعد موت أغناطيوس، في رسالته إلى أهل فيليبي يقول: "كما طلبتم منا، ها إننا نرسل لكم مع هذه الرسالة، رسائل أغناطيوس، تلك التي أرسلها لنا وللآخرين والتي هي بحوذتنا؛ ستجدون فيها فائدة عظيمة، لأنها تحتوي على الإيمانوالصبر وكل بناء يخص ربنا" (فيليبي 13 / 2). يتطابق هذا الوصف تماماً مع ما جاء في رسائل أغناطيوس. من ناحية أخرى يذكر كل من أوريجانوس وإيريناوس الرسائل السبع بأسمائها بحسب ترتيبها التقليدي، كجزء ثابت من التقليد الذي تسلّموه.
5. النسخ المتوفرة
وصلت إلينا رسائل أغناطيوس في ثلاثة أشكال:
أ. النسخة القصيرة: وهي النسخة الأصلية، وهي موجودة باللغة اليونانية فقط وتعود للقرن الثاني، وهي محفوظة في الـ (Codex Medieus Laurentianus). لا نجد في هذه النسخة الرسالة إلى روما، لكنها اكتشفت فيما بعد في نص الـ (Codex Paris. Graec., n. 1457) العائد للقرن العاشر.
ب. النسخة الطويلة: في القرن الرابع للميلاد، قام أحدهم بإدخال إضافات على النسخة الأصلية، ومن الواضح أنه كان قريباً من الأبوليناريين. كما أنه أضاف 6 رسائل أخرى تحت اسم أغناطيوس. نجد هذه النسخة الطويلة في مخطوطات عديدة باليونانية واللاتينية. وقد عُرفت قبل القصيرة. طُبعت باللاتينية عام 1489 وباليونانية عام 1557.
ج. الخلاصة السريانية: نشر كُريتون (W. Cureton) عام 1845 نسخة سريانية تحوي الرسالة إلى أفسس، روما وبوليكاربوس. وكان يعتبرها أصلية. أما لايتفوت (Lightfoot) وغيره فقد برهنوا صحة النظرية القائلة بأنها ليست سوى خلاصة لترجمة سريانية.
6. لاهوته
أ. تحتل فكرة "التدبير الإلهي" المكان المحوري في لاهوت أغناطيوس. فالله يريد تحرير العالم والإنسانية من عبودية أمير هذا العالم أي إبليس. لذلك هيّأ العالم لهذا الخلاص عن طريق الديانة اليهودية بواسطة الأنبياء، الذين كانوا ينتظرون تحقيق الوعود في شخص المسيح.
ب. إن مسيحانية (كريستولوجية) أغناطيوس واضحة تماماً بشأن لاهوت المسيح وناسوته، وهي متأثرة في مجملها بلاهوت يوحنا الإنجيلي: "لا يوجد سوى طبيب واحد، جسدي وروحاني، مولود وغير مولود، الله الصائر جسداً [...] من مريم ومن الله" (إلى أفسس 7 / 2).
حاربَ أغناطيوس بدعة الظاهرية (الدوسيتية) التي كانت تنكر طبيعة المسيح الإنسانية، وبالتالي آلامه: "فإذا كان، كما يقول بعض الملحدين، بأنه لم يتألم إلا في الظاهر، لماذا إذاً أجدني في القيود؟ ولِمَ عليّ أن أرجو مصارعة الوحوش؟ سيكون موتي عبثاً؛ وكل ما قلته عن الرب سيكون كذباً! اهربوا من هذه النباتات الشريرة المستغِلّة؛ فهي تحمل ثمار الموت، فإن ذاق منها أحدٌ يهلك فوراً (إلى ترالّي 10-11 / 1). هم بعيدون عن الإفخارستيا وعن الصلاة لأنهم لا يريدون أن يعترفوا بأن الإفخارستيا هي جسد ربنا المخلص يسوع المسيح، الذي تألم لأجل خطايانا والذي أقامه الآب بصلاحه (إلى إزمير 7).
ج. يسمّي أغناطيوس الكنيسة "مكان الذبيحة" (إلى أفسس 5 / 2؛ إلى ترالّي 7 / 2؛ إلى فيليبي 4). من المرجّح أن هذه التسمية تلمّح للإفخارستيا كذبيحة الكنيسة: "اجتهدوا ألا تشتركوا إلا في إفخارستيا واحدة، ذلك أنه واحدٌ جسد ربنا يسوع المسيح، واحدٌ هو الكأس الذي يوحّدنا بدمه، واحدٌ هو المذبح، كما أنه واحدٌ الأسقف الذي تلتفّ حوله جماعة الكهنة والشمامسة، شركائي في الخدمة" (إلى فيليبي 4).
د. أغناطيوس هو أول من أطلق على الكنيسة صفة "كاثوليكية (جامعة)"، بها يقصد كل جماعة المسيحيين (إزمير 8 / 2).
هـ. يُعتَبَر أغناطيوس أول شاهد في التاريخ عن وجود الدرجات الكنسيّة: الأسقفية، الكهنوت، الشمّاسية. تُظهر رسائله اهتماماً كبيراً بكرامة الأسقف في الكنيسة، فهو يمثّل المسيح في الجماعة، ولهذا تكتسب وظيفته بُعداً روحياً سامياً، فلا يحق لأحد أن يشك في سلطان أسقفٍ ما حتى وإن كان شاباً. فهو معلم الإيمان واتباعه يعني الاحتماء من خطر الهرطقات، كما أنه الحبر الأعظم في الليتورجيا، فبدونه لا يمكن الإحتفال لا بالمعمودية ولا بالإفخارستيا. على نفس الشاكلة يجب على الزواج المسيحي أن يُقام في حضرته.
ز. تقوم نظرة أغناطيوس للزواج على أساس نظرة القديس بولس له، فيرى فيه رمز الرباط الأبدي بين المسيح والكنيسة، لكنه مع ذلك يفضّل البتولية عليه (إلى بوليكاربوس 5 / 2). ح. من خلال مقارنة الرسائل نجد أن أغناطيوس يحتفظ بتكريم خاص لروما، فيدعو كنيستها بـ "المترئسة في المحبة". لقد اختلفت تفسيرات العلماء بشأن هذه العبارة فمنهم من وجد فيها مديحاً لكنيسة روما لتفوقها في أعمال المحبة وآخرون وجدوا فيها تلميحاً إلى أولية كرسي روما.
أفرام السرياني
1. حياته
من أعظم كتّاب وشعراء الشرق المسيحي. قد لُقِّبَ بقيثارة الروح القدس، أفرام هو قديس وأحد آباء ومعلّمي الكنيسة. ولِد عام 306م في مدينة نصيبين (شرقي نهر الخابور)، من أسرة مسيحية. سيمَ شماساً قبل عام 338 م وبقي كذلك حتى وفاتِهِ. أسس المدرسة اللاهوتية في نصيبين. في عام 363 م عندما ترك الامبراطور يوفانوس المدينة في يد الساسانيين، انتقل أفرام إلى الرها (آنذاك تحت الحكم الروماني) وتوفي هناك عام 373.
مع تعاطيه لحياة التصوف، فقد ظل عاكفاً على الكرازة وتفسير الكتاب المقدس وعقائد الإيمان القويم. ألَّف الأناشيد الكثيرة باللغة السريانية، فكانت من روائع الأدب السوري المسيحي رقةً وجمالاً وتفكيراً وتعبيراً. ومازالت تتلى حتى اليوم في الطقس السرياني. امتاز بمديح العذراء مريم. في عام 1920 م أعلنهُ البابا بندكتس الخامس عشر معلماً في الكنيسة.
يحتفل بذكراه في التقويم الروماني يوم 9 حزيران (يونيو)، وفي التقويم البيزنطي يوم 28 كانون الثاني (يناير).
2. أفكاره
يُعتَبَر أفرام شاهداً ممتازاً على تقليد الكنيسة الفارسية التي كان يعرف لغتها. في أناشيده الـ 80 حول الإيمان نجد أن أفرام كانَ بعيداً عن تأثير الفلسفة اليونانية. لذا فلا نتوقع أن نجد في كتبهِ عرضاً منسقاً حول التعليم الصحيح فيما يتعلق بالمسائل العقائدية. كان يرفض العقلانية معتبراً إياها صفة الهراطقة التي كان يحاربهم، لذلك نجده حتى في كلامهِ عن الإيمان شاعراً يستخدم أسلوباً غنياً بالصور. لم يكن يعرف التمييز بين كلمتي "ذات" و"طبيعة". كما أنّه في حديثه عن الروح القدس لا يذكر صراحةً أنه الله رغم أنه لا يشك في مساواتهِ في الجوهر لله الآب.
في حديثه عن مريم العذراء يقول: " جمالك أنت فقط (يا يسوع) وجمال أمّك يفوقان جمال أي مخلوق آخر، وهذا لأنه ليس فيكَ أيّ دنس وليس في أمّك أيّ ظلّ".
بالنسبة للإفخارستيا من الواضح إيمان أفرام بأنها ذبيحة جسد ودم الرب إذ يقول في إحدى وصاياه: "بعد موتي بثلاثين يوماً قدّموا لأجلي الذبيحة المقدسة، فإن الذبيحة التي يحتفل بها الأحياء تعود بالنفع على الأموات".
3. مؤلفاته
لقد ترك لنا أفرام كتابات كثيرة لم تأخذ حقها من الدراسة. كانت كتاباته تدور حول المحور الأخلاقي. الكثير منها تُرجِمَ فوراً إلى عدة لغات منها اليونانية والأرمنية، ومن الجدير بالذكر أن الترجمة اللاتينية قد أُخِذَت عن هذه الترجمات.
من أهم مؤلفاتهِ لدينا الـ 77 نشيد نصيبيني، فيهِ يتحدَّث أفرام أيضاً عن الحوادث أيام الحرب. لدينا أيضاً تفسير كتاب التكوين، الخروج والدياتيسارون. وفي النهاية هناك "وصية أفرام" التي تحوي نواة أصليّة من تأليفهِ، فيها تحياتهِ لتلاميذه قبل وفاته
اكليمنضُس الإسكندري
1. حياته
وُلِدَ تيتوس فلافيوس إكليمنضس سنة 150 م في أثينا. وكانَ في شبابهِ يميل إلى التعمُّق في فلسفات العصر، فانكبَّ عليها حتى أفضى به سعيهُ الدائب للحقيقة إلى اعتناق المسيحية. قام بعدة أسفار زار خلالها جنوب إيطاليا وسوريا وفلسطين، وظلَّ يتنقّل من بلد إلى آخر حتى استقرّ في نهاية المطاف في مدينة الإسكندرية. هناك تعرَّف إكليمنضس إلى بانتينوس مؤسس المدرسة الإسكندرية فانخرط في مدرستِهِ وأضحى اليد اليمنى لمعلّمهِ فذاعَ صيته. ولمّا توفي بانتينوس أسندت إدارة المدرسة إلى إكليمنضس الذي توصَّل إلى مدّ جسر التقارب بين الفلسفة الهلّينية من جهة والمسيحية من جهة أخرى.
في مطلع القرن الثالث وعندما ثار إضطهاد الامبراطور سبتيموس ساويروس ضدّ الكنيسة، إضطرَّ إكليمنضس إلى الهرب إلى قبادوقية، حيثُ حلَّ ضيفاً على تلميذه ألكسندروس الذي صارَ فيما بعد أسقفاً على أورشليم. وقد توفي سنة 215 على الأرجح.
2. كتاباته:
جمعَ إكليمنضس بين الفلسفة والشعر وعلم الآثار والميثولوجيا والأدب، واستشهد بالعهد القديم أكثر من ألف وخمس مئة مرة، وبالعهد الجديد أكثر من ألفي مرة، واستوحى الأدب اليوناني أكثر من ثلاث مئة وستين مرة. وقد أعلن أنه لا تناقض بين الفلسفة الحقيقية والإيمان، معتبراً أن العلوم تخدم علم اللاهوت وأن المسيحية هي تاج جميع الحقائق ومجدها.
أبرز ما وصلنا من مؤلفاتهِ:
ـ التحريض: كان الغرض الأساسي منهُ حَمْل اليونانيين على هجر عبادة الأصنام. جديد هذا الكتاب الدفاعي يتجلّى في اقتناع إكليمنضس بعدم الرد على أصحاب الفتن والسعايات التي كانت تُحاك ضد المسيحية آنذاك.
ـ المربّي: فيهِ ينصرف إكليمنضس إلى تربية كل من اتبع إرشاداتهِ في كتابهِ الأول واهتدى إلى المسيحية.
ـ البُسُط: يحتوي على ثمانية أجزاء تهدف بمجملها إلى توطيد العلاقة بين الإيمان المسيحي من جهة والفلسفة الهلّينية من جهة أخرى.
3. تعاليمه:
لقد كانت فكرة اللوغوس ـ الكلمة كوسيط بين الله والإنسان هي قاعدة مذهبه الفكري، ومع أنّ هذه الفكرة ليست بجديدة إلا أنّ مفهومه لها فاق بكثير أسلافه. في رأيه اللوغوس هو الخالق والمحرّك الأول لظهور العظمة الإلهية في العهد القديم وحتى في الفلسفة اليونانية؛ ولمّا بلغَ ملء الزمان واتّحدت الأرض بالسماء بواسطة تجسده، أزاح الستار عن الغموض الذي كان يكتنف سر الله.
في حديثه عن الكنيسة يشدّد على ضرورة ترسيخ الوحدة بين المؤمنين، لإقتناعهِ بأن الكنيسة هي صورة الثالوث الأقدس على الأرض. وهو يذكر الرتب الكنسيّة الثلاث، الأسقفية والكهنوتية والشموسية، فيشهد بذلك على استمرارية الكنيسة ومدى تفاعلها مع تقليد الرسل ومع تراثها.
يتحدَّث إكليمنضس أيضاً عن أسرار الكنيسة كالمعمودية والتثبيت والإفخارستيا. وهو يؤكّد بأن المناولة الإفخارستية هي اتّحاد بالكلمة ونعمة مجيدة وعظيمة، من يشترك فيها بإيمان يتقدَّس بجسده وروحهِ. أمّا فيما يختص بالتوبة فقد كانَ يعتقد بأنه ليس هناك سوى توبة واحدة بعد المعمودية. وفي حديثه عن الزواج يُفنّد إدّعاءات الغنوصيين الذين كانوا يرفضون الزواج، ويعلّم بأنّه سر شريف ومقدس، يشترك فيهِ الإنسان مع الله بالخلق للحفاظ على استمرارية الحياة.
اكليمنضس (كليمنس) الأول
يُذكر في التقويم الروماني في 23 تشرين الثاني
1. لمحة عن حياته
بحسب شهادة إيريناوس في كتابه "ضد الهرطقات" (3 / 3 / 3) اكليمنضس هو ثالث أساقفة روما بعد القديس بطرس وقد عَرَفَ شخصياً القديسين بطرس وبولس.
يخبرنا أوسابيوس القيصري في "تاريخ الكنيسة" (3 / 15 / 34) بأن فترة حبرية اكليمنضس قد بدأت في السنة الثانية عشرة من حكم الإمبراطور دوميطيانوس أي في عام 92 م. بحسب ترتليانوس قد نال سيامته الأسقفية من القديس بطرس نفسه الذي كان في أواخر أيامه. يؤكد إيبيفانيوس هذا الأمر ويزيد عليه نظريةً تحاول التوفيق بينه وبين الخبر القائل بأن اكليمنضس هو ثالث أساقفة روما بعد بطرس، فيعتقد بأن اكليمنضس فضّل أن يترك الحبرية للينوس وقد استعادها بعد وفاة أناكليتوس وذلك "حرصاً منه على السلام".
نظرية أخرى أطلقها روفينوس دي أكويلايا تقول بأن لينوس وأناكليتوس قد مارسا الخدمة الأسقفية على كرسي روما خلال حياة القديس بطرس الذي كان قد تفرّغ للخدمة كرسول للمسيح، وبعد وفاته خلفه اكليمنضس.
كل هذه المحاولات كانت تهدف لأن تحافظ على مكانة اكليمنضس بين أساقفة روما، كشخص قريب جداً من الرسل، لكننا لا نعرف بشكلٍ دقيق مدى صحتها. كما أننا نجهل حياته قبل هذه الفترة. فما يقوله أوريجانوس وأوسابيوس من أن اكليمنضس هو نفسه المذكور في رسالة بولس إلى أهل فيليبي (4 / 3) يفتقر إلى براهين، شأنه شأن من يقول بأنه هو نفسه القنصل تيطس فلافيوس اكليمنضس الذي قُتِل عام 95 أو 96 بسبب انتسابه للمسيحية.
أما عن وفاته فقد تضاربت الأنباء، فبعضها تجعل منه شهيداً في اليونان (Liber pontificalis) وغيرها تجعل منه شهيداً في كريمايا أو في أنقرة (Passio sancti Clementis).
2. الرسالة لأهل كورنثوس (إقرأ من الرسالة) تُعدّ رسالة اكليمنضس لأهل كورنثوس (حوالي 96) من أهم وثائق المسيحية على الإطلاق، للتعرف على حياة الكنيسة الأولى، على تعليمها وتنظيمها. كُتبت في عهد الإمبراطور دوميطيانوس بهدف وضع حد للخلافات في تلك الكنيسة، فقد قام البعض - على ما يبدو - بالتمرد على السلطة الكنسية وخلعوا الرؤساء الروحيين من خدمتهم، ولم يبقَ إلا عدد قليل من المؤمنين الذي ظلّوا أمناء لتلك السلطة. عن طريق هذه الرسالة حاول اكليمنضس أن يحل المصالحة بين الأطراف ويتفادى الشهادة السيئة التي أدتها هذه الكنيسة أمام الوثنيين.
[url=http://www.up1up2.com/up4/index.php?do=6562]
[/url