في الإيمان
القديس يوحنا الذهبي الفم
كما أن الحية تتخلى عن جسمها كله لتحفظ رأسها ، كذلك تخلوا أنتم أيضاً عن مقتنياتكم » عن جسدكم عن حياتكم لتحفظوا ايمانكم . الإيمان هو الرأس هو الجذور. عندما تكونون قد تخليتم عن كل شيء عندها سوف يزهر الكل من جديد بفيض اكبر وتستعيدون كل شيء ييهاء أكبر» . (عظة متى 37 : 2 )
لنحافظ على نار الروح ببذل غير محدود ولنحرص ألا نغرق من جرى ايماننا. لأ: الإيمان يحتاج الى معونة الروح وسكناه ليبقى غير متزعزع. ومعونة الروح كامنة ومضمونة في حياة نقيّة، في سلوك بلا عيب.
إن كنا نبتغي إيماناً مع جذور عميقة فلنسلك حياةً طاهرة تجعلنا نتمسّك بالروح القدس الذي سوف يحافظ على شعلة الإيمان. من المستحيل أن نتقدّم في إيماننا بدون حياة نقية... ما يشكّله الغذاء للجسم تشكله الأعمال للإيمان.
الإيمان بدون أعمال ميت (يعقوب 2: 20) (عظة في الإيمان 1: 9-10)
عندما يلتهب الإنسان محبة بالله لا يعود يهتم بالأمور التي تجذب عيون الجسد. يكتسب أعيناً أخرى أعين الإيمان. هكذا يتأمل بصورة مستمرة بالأشياء السامية ويركّز فكره عليها. يمشي على الأرض ويتصرف في كل شيء وكأن موطنه في السماوات. مثل هذا الإنسان لا تعود تجذبه الأشياء الباهرة ولا حوادث الحياة الحاضرة. يتخطّى كلّ شيء متطلعاً إلى وطنه الحقيقي... إن كنا في هذه الحالة، كل شيء في هذه الحياة مهما صعب يُزدرى به. لا نعود نخشى السيف، الضربات، الجلاّدين. لأن النفس تكون قد خطفتها الأمور الأبدية. أرجوكم امتلكوا محبّ’ خالصة حارة لله ولنُذِبْ فيه أفكارنا وقلوبنا. (عظة تكوين 28)
في وسط المدن حيث يسكن، كان بولس بعيداً عن أمور الأرض بقدر ما نحن بعيدون عن الجثث البالية. عندما كان يقول "صُلب العالم لي" كان يتكلّم عن مثل هذا اللاإحساس... يتابع ويقول "وأنا صُلبتُ للعالم"...
هكذا يجب علينا أن نحب المسيح. أن نتجرّد عن الأمور الأرضية. كانت نفس الأنبياء القدّيسين مملوءة من مثل هذه الحالة إلى أن اكتسبوا أعيناً جديدة. كانوا متجرّدين عن الأمور الحاضرة وهذا نتيجة جهادهم وغيرتهم. بعدها تفتّحت عيونهم لنور جديد فأخذوا يتأملون في الآخرة وهذا من فعل النعمة الإلهية..
الإنسان الحيواني لا يُدرك الأشياء التي تأتي من روح الله. لنسعَ وراء الهدوء والوحدة لا العزلة من الأماكن بل الوحدة في القلب، وحدته مع الله وليكن همّنا الأول أن نرشد أنفسنا إلى الأماكن المقفرة جداً. (حديث عن التخشّع)
عمل الروح في الإيمان
فإذا لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنتُ لذلك تكلمت (2كور 4: 13) مز 115. يكشف الرسول هنا عن سرّ عظيم؟ ما هو؟ العهد القديم والجديد ما هما إلا من روح واحد. الروح القدس نفسه يتكلّم في القديم وفي الجديد. يعلّمنا الإيمان كلَ شي. لا نستطيع شيئاً بدونه. انزعوا الإيمان لا تعودوا قادرين على التفوّه بأي شيء. ولماذا تكلّم عن روح الإيمان؟
لكي يعلّمنا أننا قبل كل شيء بحاجة إلى إرشاد الروح القدس ليرفعنا إلى علوّ الإيمان ويزدري بضعف التفكير البشري. ولهذا يقول الرسول في مكان آخر: مواهب الروح الظاهرة في الخارج أعطيت من أجبل بناء الكنيسة (2 كور 12: 7-9).
وربّ قائل: كان بولس يتكلم على إيمان قادر على صنع العجائب أقول نعم ولكن أعرف أيضاً إيماناً أتكلم عنه اليوم أُعطي لنا لا لنصنع العجائب بل لنتعرّف إلى سرّ التقوى وليس بمقدورنا الحصول عليه بدون مؤازرة الروح القدس حسب شهادة القديس لوقا (أع 16: 14) وشهادة المسيح نفسه (يوحنا 6: 44) (عظة المزمور 115: 2).