نحو العمق ----- نيافة الأنبا موسي
---------
أولا: نحو العمق ----- نيافة الأنبا موسي
-----------------------------------------------
لعل أكبر اتهام يوجه إلى شبابنا المصرى، والشبيبة العالمية على اتساعها،
هو الاتهام "بالسطحية"... ومع إحساس أن هذا اتهام فيه الكثير من الظلم،
إلا أن فيه أيضاً بعض الحقيقة. أما الظلم فلأنه يتسم بالتعميم، فليس كل
الشباب سطحياً، كما أن صغر السن، نقص الخبرة الطبيعى، وأسلوب التعليم،
ووسائل الإعلام، وسعر الكتاب... الخ... كل هذه تجعل من الاتهام اجحافاً
فى حق شبابنا. أما صدق الاتهام فينبع من سهولة عزوف شبابنا عن استعماق
النفس، وتدارس التراث الروحى والفكرى، وسهولة انقياده للدنس أو الجريمة
أو الادمان، وتكوين جماعات منحرفة دون إحساس بالذنب ... إلخ.
من هنا نحتاج أن يغوص شبابنا إلى العمق:
+ عمق نفسه.
+ عمق فكره.
+ عمق روحه.
+ عمق التراث.
+ عمق الفكر المعاصر.
+ عمق الإفراز والتمييز.
عمق الوصول إلى رؤيا صالحة لنفسه وأسرته وكنيسته ومجتمعه.
1- عمق النفس
هذا غوص هام، يجب أن يتعود عليه الشباب، ففى أعماق النفس احتياجات كثيرة
هامة ودفينة، تطغى عليها اهتمامات سطحية زمنية زائلة... فهو يهتم
- عرض النص المقتبس -
باحتياجاته البيولوجية: كالطعام والجنس، وباحتياجاته النفسية: كالحاجة
إلى الانتماء، والحب، والتقدير، والنجاح... الخ.
ولكنه بحاجة أن يهتم باحتياجاته الفكرية: كالثقافة، واحتياجاته الروحية:
كالخلاص والشبع الروحى، والخلود .
متى يغوص شبابنا إلى داخل نفسه وأعماقها؟!
إن الاحتياجات البيولوجية والنفسية هامة، ويمكن أن يشبعها الإنسان بطريقة
متزنة وسوية. بل إن الإنسان المسيحى يستطيع بالمسيح الساكن فيه، وفعل روح
+الله القدوس، أن يشبع هذه الاحتياجات بصورة أفضل :
+ هو يحتاج إلى الطعام... ويرى الصوم ضرورة روحية بناءة!!
+ ويحتاج إلى الجنس... ولكن فى جهاد وطهارة وقداسة!!
-+ ويحتاج إلى الانتماء... فينتمى إلى أسرته وكنيسته ومسيحيته ووطنه
والجنس البشرى عامة!!
+ ويحتاج إلى الحب... وبالمسيح يحب الجميع ويحبه الجميع!!
+ ويحتاج إلى التقدير... فهو شخصية متزنة وديعة قوية!!
+ يحتاج إلى النجاح... إذ يسير مع الله ويثابر والرب ينجح طريقه!!
2- عمق الفكر:
يحتاج شبابنا أن يقرأ !!
وفى تجربة أمريكية شهيرة وموثقة، أن مجموعة من العائلات أغلقت التليفزيون
نهائياً، بقنواته التى تعمل 24 ساعة يومياً، لترى نتيجة ذلك على سلوك هذه
الأسرات، فوجد الدارسون أن نتيجة التجربة كانت كما يلى:
أ- بدأ الشباب والفتيان يقرأون الكتب.
ب- ترابطت الأسرة بصورة أفضل.
ج- تزاورت هذه الأسرات مع بعضها.
إذن فالأثر هنا كان : فكرياً، عائلياً، واجتماعياً!!
لسنا نقصد غلق التليفزيون نهائياً، فالفيديو أخطر منه، وفديو العقل
والتصور أخطر وأخطر، وعلاقات الخطيئة مدمرة!!
ولكننا نقصد أن مواجهة وسائل الاعلام تأتى كما يلى:
أ- اشباع روحى: يجعلنى قادراً على الإفراز والتمييز بين البرامج، وانتقاء
المناسب والمفيد منها.
ب- اشباع ثقافى: يملأ ذهنى بقضايا مهمة، تجعلنى قادراً على النقد
والاختيار الايجابى، وليس الخضوع "للترويح السلبى"، الخطير الأثر على
عقولنا جميعاً.
ج- القدرة على الاختيار: فالشبعان روحياً وثقافياًَ يستطيع الإفراز
والنقد والتمييز، فيختار ما يراه بناءً ويرفض ما يراه تافهاً أو هداماً
فإن "النفس الشبعانة تدوس العسل " (أم7:27).
أما من جهة سعر الكتاب، فمكتبات الاستعارة فى كل مكان، ومسابقات القراءة
الصيفية أمام الجميع: نرجو أن نستفيد منها... كما يمكن اشتراك مجموعة من
الشباب فى تبادل الكتب الجديدة والهامة: كنسية وثقافية، إذ يشتروا معاً
الكتب، ويتبادلوا قراءتها، ويحتفظ كل منهم فى النهاية بنصيب منها.
3- عمق الروح:
فى أعماق الإنسان حاجات ثلاث جوهرية، قلَّما إليهما الشباب، بسبب اندفاعه
نحو الحياة الزمنية، وهذا أمر طبيعى، لكننا نطالبه بأن اهتمامه بتكوين
مستقبله المادى، لا ينبغى أن يكون على حساب اهتمامه بمستقبله الروحى: هنا
وفى الأبدية!! إذ "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو
ماذا يعطى الإنسان فداء نفسه؟! (مر36:
.
أ- الروح تحتاج إلى الخلاص
بمعنى أن الخطيئة تزعجها وتلوثها!! ويحتاج الانسان - ككيان متكامل - أن
يتخلص من عبودية الخطيئة، وحكمها بالموت، وبصمتها السلبية!! ونحن نشكر
الرب يسوع لأنه أعطانا ويعطينا هذه البركات:
+ فالمعمودية تخلصنا من الخطية الجدية والفعلية.
+ والميرون يجعل روح الله يثبت فينا.
+ التناول يجعلنا نثبت فى المسيح، والمسيح يثبت فينا.
+ والتوبة تجديد لكل هذه البركات.
لذلك فمسكين من لا يتوب ويعود إلى الرب، إلى بيت الآب، حيث الخلاص
والقداسة والشبع... حيث سكنى الله فى الإنسان بنعمة وفعل روحه القدوس!!
وطوبى لنفس تحرص على فحص أعماقها، واكتشاف ضعفاتها فى نور المسيح
والإنجيل والأب الروحى، وتجاهد تحت إرشاد روحى لتتخلص منها جميعاً!!
ب-والروح تحتاج إلى الشبع
فهى كجزء من الكيان الإنسانى لها غذاؤها، الذى لا تغتذى بسواه، أقصد
الشركة مع الله: فى الصلاة، والإنجيل، والأسرار المقدسة، والقراءات،
والاجتماعات، والخدمات الروحية...
+ فإذا كان العقل غذاؤه الثقافة.
+ والنفس غذاؤها الترويح والتسامى.
+ والجسد غذاؤه الطعام والرياضة والراحة والنوم.
+ فالروح غذاؤها عشرة الله!!
للمقال بقية
ttp://youthbishopric.com/library/ArticlesLibrary/Arabic/sprit/SPR1/Na7w_al3omk_bm.htm